[الاسلام دينُ القول والفعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاول العديد من المُفكِّرين وكبار علماء المسلمين، البحث عن توصيفٍ لهذه المشكلة، وأسبابها، وجدوا أنَّ هناك حالةً ممَّا يمكن وصْفَه بـ"اختزال" الإسلام، في شئون العقيدة وظاهر العبادة، بينما الإسلام أكبر وأوسع من ذلك كثيرًا؛ حيث الإسلام عقيدةٌ وعبادةٌ ومعاملاتٌ.
وحتى ما يؤدِّيه المرء المسلم من عباداتٍ، لا تكون لمجرَّد الأداء فحسب، بل إنَّها يجب أنْ تُحقِّقَ العديد من التَّأثيرات العمليَّة على سلوك الإنسان المسلم، بل إنَّ هناك عباداتٌ مثل الصِّيام كان من بين الأسباب التي رأت الحكمة الإلهيَّة أنْ يتمَّ فَرضَها على الإنسان، هي تهذيب سلوك الإنسان المسلم.
وقد أكَّد القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة في أكثر من موضعٍ.. قال تعالى:" اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " [العنكبوت: 45]، كما أنَّ لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حديثًا نبويًّا صحيحًا يقول فيه عن أهمِّيَّة أنْ يكون للصِّيام أثرٌ في تهذيب سلوك المسلم:" مَن لَّم يدعُ قَوْلَ الزُّورِ والعملَ بهِ فليس للهِ حاجةً أنْ يدعَ طعامَه وشرابَه " (رواه البُخاريُّ والتِّرمذيُّ وأبو داود وابن ماجه).
وقد حذَّر الإسلام من القول الذي لا يكون مشفوعًا بعملٍ يؤكِّده، ومن الدَّعوى التي تكونُ بلا فعلٍ، فقد ورد في كتاب "رياض الصالحين" بابًا كاملاً في تغليظ عقوبةِ من أمرَ بمعروفٍ أو نهي عن منكرٍ، وخالف قولُه فِعلَهُ.
وهناك في آي القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تدعم ذلك.. قال الله تعالى:" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ " [البقرة: 44]، وقال تعالى أيضًا:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ " [الصَّفِّ: 1 - 3]، وقال تعالى إخبارًا عن نبِّيِه شُعيبٌ - عليه السَّلام:" وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ " [هود: 88].
وفي هذا الإطار، ذهب
العديد من المُفكِّرين والعلماء إلى أنَّه من المهم توضيح اقتران الإيمان في عقيدة الإنسان المسلم بالعمل الصَّالح، والأخلاق السَّويَّة التي تنهض عليها الأمم، وتتقدَّم الحضارات، وأشاروا إلى أنَّه من الممكن جدًّا إصلاح هذه الإشكاليَّة القائمة في فهم المسلم لعقيدته بشكلٍ مُتكاملٍ، في ظلِّ التنامي الرَّاهن للصَّحوة الإسلاميَّة في العالم بأكمله؛ حيث الإسلام، إحصائيًّا بالفعل، هو أسرع الأديان انتشارًا في العالم، بما في ذلك أوروبا الغربيَّة والولايات المتحدة